فصل: قال ابن جني:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.فصل في ذكر قراءات السورة كاملة:

.قال ابن جني:

سورة الرعد:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
قراءة الناس: {صِنْوَانٌ}1 إلا الحسن وقتادة، فإنهما قرآ: {صَنْوَان}.
قال أبو الفتح: الذي روينا في هذا عن قطرب: {صِنْوانٌ}، قال: وقرأ أبو عبد الرحمن السلمي: {صُنْوانٌ} بضم الصاد، ولم يَحْكِ الفتح.
فأما الواحد فصِنْو بكسر الصاد، وأما الجمع فصِنْوَانٌ بكسرها وصُنْوَان بضمها، والصِّنْوُ: النخلة لها رأسان وأصلها واحد، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم: «العباس عمي وصِنْو أبي»، فكأنه قال: هما فرعان من أصل واحد. والصُّنوان بالضم لتميم وقيس، وبالكسر لأهل الحجاز.
فأما صِنْو وصِنْوَانٌ فإن نظيره ذئب وذُؤْبان، وقِنْو وقُنْوان. وقد يكون مثله شِيح وشِيحان؛ لكن المسئول عنه من هذا صِنْو وصِنْوان: هل هو جمع تصحيح أو جمع تكسير؟ وليس جمعًا مصححًا وإن كان مثال الواحد موجودًا في الجمع؛ وذلك أن جمع التصحيح ضربان: بالواو والنون كالزيدون والعمرون، وبالألف والتاء كالزينبات والصالحات.
وليس فِعْلَان واحدًا منهما، وإذا كان كذلك فينبغي أن تعلم أن المثالين وإن كانا وَفقَين فإن التقديرين مختلفان، فالكسرة في صاد صِنوان غير الكسرة في صاد صِنو، فيتفق اللفظان ويختلف التقديران؛ وإنما صِنْوان من صِنْو كخِرْبان من خَرَب، فكما أن فتحة الخاء من خَرَب غير كسرتها من خِربان لفظًا، فكذلك كسرة الصاد من صِنْوان غير كسرتها من صِنْو تقديرًا.
وجاء تكسير فِعْل على فِعْلان، كما جاز تكسير فعَل عليه، نحو: خَرَب وخِرْبَان وشَبَث وشِبْثَان وبَرَق وبِرْقَان؛ وذلك أن فِعْلا وفَعَلا قد تعاقبا على المعنى الواحد؛ فصارا في ذلك أخوين نحو: بِدْل وبَدَل وشِبْه وشَبَه ومِثْل ومَثَل، فكما كسروا فَعَلا على فِعْلان- فيما ذكرنا- فكذلك أيضًا كسروا فِعْلا عليه في صِنْو وصِنْوان، وإذا كانت كسرة الصاد من صِنْوان غير كسرتها من صِنْو تقديرًا فكذلك أيضًا سكون النون من صنوان غير سكونها من صِنْو تقديرًا، فكما جاز أن تكون الكسرة غير الكسرة تقديرًا كذلك جاز أيضًا أن يكون السكون في الجمع غير السكون في الواحد.
وكما لا يُشَك في أن فتحة خاء خَرَب غير كسرة خاء خِرْبان، فلا يُشَك أيضًا في أن فتحة راء خَرَب غير سكون راء خِرْبان، فكذلك أيضًا كسرة الصاد في الواحد غير كسرة الصاد في الجمع، وسكون النون في صِنْو غير سكون النون في صِنْوان؛ اعتبارًا لحالي المتفقين بحالي المختلفين.
ونظير اتفاق اللفظين في الحركات مع اختلاف التقديرات قولهم في ترخيم منصور على من قال يا حارِ: يا منْصُ، وكذلك تقول في ترخيم منصور على يا حَارُ: يا منْصُ، فالكسرة على يا حارِ هي ضمة صاد منصور، وهي على يا حَارُ ضمة مجتلبة للنداء غير تلك؛ اعتبارًا بيا حارِ، ويا حارُ. فكما أن الضمة في يا حارُ غير الكسرة في يا حارِ لفظًا، فكذلك ضمة صاد يا منْصُ على يا حارِ غير ضمتها في يا منْصُ على يا حارُ تقديرًا.
وكذلك الفُلْك- في قول سيبويه- وأنت تريد الواحد، وكذلك إذا أردت الجمع؛ وذلك أنه يعتقد أنه كسَّر فُعْلا على فُعْل، كما كسروا فَعَلا على فُعْل، نحو: أَسَد وأُسْد ووثَن ووُثْن فيمن قرأ: {إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِه إِلَّا أُثْنَا} جمع وثن، فكذلك كُسر فُعْل على فُعْل؛ وذلك أن فُعْلا وفَعَلا قد اعتقبا على المعنى الواحد، كالشُّغْل والشَّغَل، والبُخْل والبَخَل، والْحُزْن والْحَزَن، فكما كسروا فَعَلا على فُعْلا- فيما ذكرنا- كذلك كسروا فُعْلا على فُعْل في الفلك، فالضمة إذن في فاء الفلك وأنت تريد الواحد كالضمة في قاف قُفْل وخاء خُرْج، وهي في الفلك وأنت تريد الجميع كضمة حاء حُمْر وصاد صُفْر، فاللفظان واحد والتقديران اثنان. وقد أفردنا في كتابنا الخصائص بابًا لما اتفق فيه اللفظان واختلف فيه التقديران في الحروف والحركات والسكون.
فسكون اللام إذن في الفلك وهو واحد غير سكونها فيه وأنت تريد الجمع؛ اعتبارًا بأَسَد وأُسْد ووَثَن ووُثْن. وقد قالوا في جمع صِنْو: أَصْنَاء، فهذا كقِنْو وأَقْنَاء. ونظير صِنْو وصِنْوان في اتفاق اللفظين واختلاف التقديران مما جاء على فِعْل وفِعْلان قولهم: قِنْو وقِنْوان، وحِسْل وحِسْلان، ورِئْد ورِئْدان، وخِشْف وخِشْفان، وسِيد وسِيدان. هذا هو الظاهر ومثله كِير الحداد وكِيرَان، وشِيح وشِيحان، وخِيط وخِيطان من النعام، وخِرْص الرمح وخِرْصان، وشِقْد وشِقْدان، ونِسْوة ونِسْوان.
وأما: {صَنْوان} بفتح الصاد فليس من أمثلة التكسير؛ وإنما هو اسم للجمع بمنزلة الباقِر والجامِل والسامِر والدابِر. وعلى أن قطربًا لم يحكِ فتح الصاد، وكذلك أبو حاتم في كتابه الذي نرويه عنه في القرآن؛ فإن صح فتح الصاد من: {صَنْوان} فهو على ما ذكرناه من كونه اسمًا للجمع، لا مثالًا من أمثلة التكسير. ومثله مما جاء اسمًا مفردًا للجمع غير مكسر قولهم: السَّعْدَان والضَّمْرَان.
ومن ذلك قراءة عيسى الثقفي وطلحة بن سليمان: {الْمَثْلَاتُ}، وقرأ: {الْمُثْلَاتُ} يحيى بن وثاب، وقراءة الناس: {الْمَثُلَاتُ}.
قال أبو الفتح: روينا عن أبي حاتم قال روى: زائدة عن الأعمش عن يحيى: {الْمَثْلَاتُ} بالفتح والإسكان. قال: وقال زائدة: وبما ثقَّل سليمان- يعني: الأعمش- يقول: {الْمَثُلَاتُ}.
وأصل هذا كله: {الْمَثُلَاتُ} بفتح الميم وضم الثاء، يقال: أَمْثَلْتُ الرجل من صاحبه إِمْثَالًا، واقصصْتُه منه إِقْصَاصًا بمعنى واحد، والاسم المثال كالقِصَاص.
فأما من قرأ: {الْمَثُلَاتُ} فعلى أصله، كالسَّمُرَات جمع سَمُرة، والثمُرَات جمع ثَمُرَة.
ومن قال: {الْمُثْلَاتُ} بضم الميم وسكون الثاء احتمل عندنا أمرين:
أحدهما: أن يكون أراد: الْمثُلَات، ثم آثر إسكان الثاء استثقالًا للضمة ففعل ذلك، إلا أنه نقل الضمة إلى الميم فقال: الْمُثْلَات، كما قالوا في عَضُد: عُضْد، وفي عَجُز: عُجْز.
والآخر: أن يكون خفف في الواحد فصار مَثُلَة إلى مُثْلَة، ثم جمع على ذلك فقال: الْمُثْلَات.
فإن قيل: فهلا أتبع الضمَّ الضمَّ، فقيل: الْمُثُلَات، كما نقول في غُرْفة: غُرُفات، وفي حجرة: حُجُرات، ففي ذلك جوابان:
أحدهما: أنه إنما كَرِهَ الْمَثُلَة مع فتح الميم، أفيجمع في الْمُثُلَات بين ضمين، فيصير إلى أثقل مما هرب منه؟
والآخر: أنه لو جمع مُثْلَة بعد أن غيرها عن مَثُلَة على مُثُلَات لكان كأنه جمع مُثْلَة مرتجلة على فُعْلَة، كحُجْرَة وظُلْمَة، فأقرها على سكون الثاء بحاله لذلك.
فإن قيل: هلا لم يجمع بين الضمتين لكن فتح الثاء فقال: الْمُثَلَات هربًا إلى الخفة بالفتح كظُلَمَات وغُرَفَات، قيل: لو كان ممن يرى هذا لأقر المثال الأول بحاله فقال: الْمَثُلَات؛ لأنه إذا فعل ذلك فإنما جمع بين ضمة وفتحة أيضًا، فإذا انصرف عن ذلك ألبتة فلا وجه لمعاودة ما كأنه هو، فضم الميم وأسكن الثاء فقال: الْمُثْلَات، واستغنى عن التعسف بالكلمة إلى هذه الغاية المستبعدة، ثم إنها مع ذلك غير مفيدة ولا مجدية، فهذا هذا.
وروينا عن قطرب أن بعضهم قرأ: {الْمُثُلَات} بضمتين، فهذا إما عامَل الحاضر معه فثقَّل عليه، وإما فيها لغلة أخرى؛ وهي مُثُلَة، كبُسُرة، فيمن ضم السين، وإما فيها لغة ثالثة؛ وهي مُثْلَة كغُرْفَة.
وأما من قال: {الْمَثْلَات} بفتح الميم وسكون الثاء، فإنه أسكن عين الْمَثُلَات استثقالًا لها فأقر الميم المفتوحة. وإن شئت قلت: أسكن عين الواحد فقال: مَثْلَة، ثم جمع وأقر السكون بحاله ولم يفتح الثاء، كما قال في جَفْنَة وتَمْرَة: جَفَنَات وتَمَرَات؛ لأنها ليست في الأصل فَعْلَة؛ وإنما هي مسكَّنة من فَعُلَة، ففصل بذلك بين فَعْلَة مرتجلة وفَعْلَة مصنوعة منقولة من فَعُلَة على ما ترى.
وإن شئت قلت: قد أسكن الثاء تخفيفًا، فلم يراجع تحريكها إلا بحركتها الأصلية لها. وقد يمكن أيضًا أن يكون من قال: {الْمَثُلَات} ممن يرى إسكان الواحد تخفيفًا، فلما صار إلى الجمع وآثر التحريك في الثاء عاود الضمة؛ لأنها هي الأصل لها، ولم يرتجل لها فتحة أجنبية عنها، كل ذلك جائز.
ومن ذلك قراءة عبيد الله بن زياد: {لَهُ مَعَاقِيبُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْه}.
قال أبو الفتح: ينبغي أن يكون هذا تكسير مُعَقِّب أو مُعَقِّبَة، إلا أنه لما حذف إحدى القافين عوض منها الياء، فقال: {معاقيب}، كما تقول في تكسير مقدّم: مقاديم، ويجوز ألا تعوض فتقول: مَعَاقِب كمقادم.
ومن ذلك قراءة علي بن أبي طالب وابن عباس- رضي الله عنها- وعكرمة وزيد بن علي وجعفر بن محمد: {يَحْفَظُونَهُ بِأَمْرِ اللهِ}.
قال أبو الفتح: المفعول هنا محذوف؛ أي: يحفظونه مما يحاذره بأمر الله. وأما قراءة الجماعة: {يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ} فليس معناه أنهم يحفظونه من أمر الله أن ينزل به؛ لكن تقديره: له مُعَقِّبَات من أمر الله يحفظونه مما يخافه، فـ: {من} على هذا مرفوعة الموضع؛ لأنها صفة للمرفوع الذي هو: {معقبات}، ولو كانت- كما يُظن- أنهم يحفظونه من أمر الله أن ينزل به لكانت منصوبة الموضع؛ كقولك: حفِظت زيدًا من الأسد، فقولك: من الأسد، منصوب الموضع؛ لأنه مفعول حفِظت.
والذي ذكرناه في هذا رأي أبي الحسن، وما أحسنه! فأن قلت: فهلا كان تقديره: يحفظونه من أمر الله؛ أي: بأمر الله، ويُستدل على إرادة الباء هنا بقراءة علي عليه السلام: {يحفظونه بأمر الله}. وجاز أن يحفظوه بأمر الله؛ لأن هذه المصائب كلها في علم الله وبإقداره فاعليها عليها، فيكون هذا كقول القائل: هربتُ من قضاء الله بقضاء الله، قيل: تأويل أبي الحسن أذهب في الاعتداد عليهم؛ وذلك أنه- سبحانه- وكَّل بهم من يحفظهم من حوادث الدهر ومخاوفه التي لا يعتد عليهم بتسليطها عليهم، وهذا أسهل طريقًا، وأرسخ في الاعتداد بالنعمة عليهم عروقًا.
ومن ذلك قراءة الأعرج بخلاف: {شَدِيدُ الْمَحَالِ}1 بفتح الميم.
قال أبو الفتح: {الْمَحَال} هنا مَفْعَل من الحِيلة. قال أبو زيد: يقال: ما له حِيلة ولا مَحَالة؛ فيكون تقديره: شديد الحِيلة عليهم، وتفسيره قوله سبحانه: {سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ}2، وقوله: {وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ}3، وقال: {يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ}4، والطريق هنا واضحة.
ومن ذلك قراءة أبى مِجْلَز: {بِالْغُدُوِّ وَالْإيصَالِ}5.
قال أبو الفتح: هو مصدر آصلْنَا: دخلنا في وقت الأصيل ونحن مُؤصلون. وقد ذكرنا هذا فيما مضى من الكتاب.
ومن ذلك قراءة يحيى بن وثاب: {فَنَعْم عُقْبى الدارِ}.
قال أبو الفتح: أصل قولنا: نِعْم الرجل ونحوه نَعِمَ كعَلِمَ، وكل ما كان على فَعِل وثانيه حرف حلقى فلهم أربع لغات، وذلك نحو: فخِذ، ومَحِك، ونَغِر، بفتح اللام وكسر الثاني على الأصل. وإن شئت أسكنت الثاني وأقررت الأول على فتحه فقلت: فَخْذ، ومَحْك، ونَغْر. وإن شئت أسكنت ونقلت الكسرة إلى الأول فقلت: فِخْذ، ومِحْك، ونِغْر. وإن شئت أتبعت الكسر الكسر فقلت: فِخِذ، ومِحِك، ونِغِر. وكذلك الفعل نحو: ضَحِك، وإن شئت ضَحْك، وإن شئت ضِحْك، وإن شئت ضِحِك. فعلى هذ القول: نَعِمَ الرجل، وإن شئت: نعْم، وإن شئت نِعْمَ، وإن شئت نِعِمَ. فعليه جاء: {فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ}. وأنشدنا أبو علي لطرفة:
ففداء لبني قيس على ما ** أصاب الناس من سُر وضُرْ

ما أقلَّتْ قدمي إنهم نَعِمَ ** الساعون في الأمر الْمُبِرْ

وروينا عن قطرب: نَعِيم الرجل زيد، بإشبع كسرة العين وإنشاء ياء بعدها كالمطافيل والمساجيد. ولابد من أن يكون الأمر على ما ذكرنا؛ لأنه ليس في أمثلة الأفعال فعِيل ألبتة.
ومن ذلك قراءة علي عليه السلام وابن عباس وابن أبي مليكة وعكرمة والجحدري وعلي بن حسين وزيد بن علي وجعفر بن محمد وأبي يزيد المدني وعلي بن بديمة وعبد الله بن يزيد: {أَفَلَمْ يَتَبَيَّنِ الذين}.
قال أبو الفتح: هذه القراءة فيها تفسير معنى قول الله تعالى: {أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا}، وروينا عن ابن عباس أنها لغة وَهْبِيل: فخذ من النَّخَع، قال:
ألم ييئس الأقوام أني أنا ابنُه ** وإن كنتُ عن أرض العشيرة نائيا

وروينا لسُحيم بن وَثِيل:
أقول لأهل الشِّعْبِ إذ يأسِرُونني ** ألم تيئسوا أني ابن فارس زَهْدم

أي: ألم تعلموا. ويشبه عندي أن يكون هذا راجعًا أيضًا إلى معنى اليأس؛ وذلك أن المتأمل للشيء المتطلب لعلمه ذاهب بفكره في جهات تعرفه إياه، فإذا ثبت يقينه على شيء من أمره اعتقده وأَضرب عما سواه، فلم ينصرف إليه كما ينصرف اليائس من الشيء عنه، ولا يلتفت إليه. وهذه اللغة هكذا طريق صنعتها وملاءمة أجزائها وضم نَشَرِها وشتاتها، فإن لم تطبَن لها وتُلاقِ بين متهاجراتها بَدَّت فِرقًا، وكانت حرية لو لاطفْتَها بالتعانق والالتقاء فرفقًا رفقًا، لا عُنفًا ولا خُرقًا.
ومن ذلك قراءة النبي صلى الله عليه وسلم وعلى وابن عباس وأبي- رضي الله عنهم- وسعيد بن جبير وعكرمة ومجاهد بخلاف والحسن بخلاف وعبد الرحمن بن أبي بكرة وابن أبي إسحاق والضحاك والحكم بن عتيبة، ورُويت عن الأعمش: {وَمِنْ عِنْدِهِ عِلْمُ الْكِتَابِ}، وقرأ: {ومِنْ عِنْدِهِ} بكسر الميم والدال والهاء: {عُلِمَ الكتابُ} بضم العين وفتح الميم علي وابن السميفع والحسن. وقراءة الجماعة: {وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ}.
قال أبو الفتح: مَن قرأ: {وَمِنْ عِنْدِهِ عِلْمُ الْكِتَابِ} فتقديره ومعناه: من فضله ولطفه علم الكتاب، ومَن قرأ: {وَمِنْ عِنْدِهِ عُلِمَ الْكِتَابُ} فمعناه معنى الأول، إلا أن تقدير إعرابه مخالف له؛ لأن من قال: {وَمِنْ عِنْدِهِ عِلْمُ الْكِتَابِ} فـ: {من} متعلقة بمحذوف،: {وعلمُ الكتاب} مرفوع بالابتداء، كقوله تعالى: {وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ}. ومن قال: {وَمِنْ عِنْدِهِ عُلِمَ الْكِتَابُ} فـ: {من} متعلقة بنفس: {عُلم}، كقولك: من الدار أُخرج زيد؛ أي: أخرج زيد من الدار، ثم قَدَّمتَ حرف الجر. وقراءة الجماعة: {وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ} فالعلم مرفوع بنفس الظرف؛ لأنه إذا جرى الظرف صلة رفع الظاهر لإيغاله في قوة شبهه بالفعل، كقولك: مررت بالذي في الدار أخوه. اهـ.